حكايا على الطريق - صنميّة سياسيّة
حكايا
على الطريق(1):
صنميّة سياسيّة
د. أكرم محمد نبها
حكايا السّائقين كحكايا الحياة نفسها لا تنتهي.
لحظة صعودك سيارة (السرفيس) يمتشق السائق لسانه
ويجلدك، فهو عالم في السياسة ، والاقتصاد، والاجتماع، والمال والأعمال،
والبورصة...، ويحدثك عن الذرة، والنووي، وكوريا الشمالية والجنوبية،...ويجعلك تحنّ
إلى السهرات العائلية على المصطبة في القرية تحت دالية العنب، والقائمة تطول، فلسانه لا يكلّ ولا
يملّ.
أطلّ الراكب رأسه من شباك السيارة وقال:
- المتحف؟
-
اركب.
وانطلقت السيارة تنهب الزفت نهبا، وانطلق معها
لسانُ السائق ذو الشّفرات الست: بلدٌ فاسدٌ، وحكامٌ
فاسدون، بلدٌ لا مكان فيه (للأوادم)، (فالزعران) ومن ورائهم أسيادهم ينهبون البلد،
لا ماء، لا كهرباء، لا أمن، لا أمان، فانات بنُمر مزورة، سائقون سوريون،...ألم
تشاهدوا التلفاز البارحة حيث فضح الزعماء الفاسدين وفضح أبناءهم وبناتهم و(نسوانهم)...
وقبل أن يكمل السائق
جَلْدَنا قاطعه الرّاكبُ قائلا: بالنسبة لزعيمي (الفلاني) لو دخل الحمام وطلب مني
أن ألحس مؤخرته لفعلت بلا تردد، إنه الزعيم الوطني، تاج راسي وراسك.
بلع السائقُ ريقه
ولسانه معاً، وأشاح بوجهه ناحية اليسار.
- الراكب:
الظاهر ما عجبك الحديث؟!
السائق لم يُجب لا
سلباً ولا ايجاباً.
كأنّ الراكب كان
ينتظر من السائق أن يستثني زعيمه من زعران البلد، ولكنه لم يفعل، بل ظل صامتاً،
مما أغضب الراكب.
الراكب بنزق: أنزلني.
وقبل أن ينزل ضرب وجه
السائق بألفين، وتمتم: شعب (بجم). ثم ركل الباب بقدمه مخاطبا السائق: انطلق قبل أن
أمسح بك الأرض.
نظرتُ إلى السائق
المتجهّم ، وقد انفرجت أساريري الصفراء.
وبعد ذلك ساد صمتٌ
رهيب.
بيروت،28/أيار/2017
Comments
Post a Comment