Posts

Showing posts from December, 2021

الحمد لله رب العالمين بلاغيًا

  قوله تعالى  ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ الفاتحة/2 في هذه الآية مبحثان بلاغيّان: 1.    مبحث (الحمد)، وفيه: - هل الحمد بمعنى الشّكر؟ - رفعُ (الحمد) ونصبها. - (ألـ) التّعريف الدّاخلة على (الحمد). 2. مبحث اللّام في (لله). أوّلًا: مبحث (الحَمْد): الحَمْد: "نقيض الذّم، والحمد: الثّناء"( [1] )، "تقول: حمدتُ الرّجلَ: إذا أثنيت عليه بكرمٍ وحَسَبٍ وشجاعةٍ وأشباه ذلك، وشكرتُ له: إذا أثنيتَ عليه بمعروف أَوْلَاكَهُ، وقد يوضعُ (الحمد) موضعَ (الشّكر)، ولا يُوضعُ (الشّكر) موضعَ (الحمد)"( [2] )، وإذا كان الحمد ثناءٌ بالجميل والنّداء عليه باللّسان فإنّ الشّكر هو الثّناء على النّعمة خاصّةً، فيكون بين الحمد والشّكر عمومٌ وخصوص؛ وقولكَ (الحمدُ لله) جملةٌ خبريّةٌ إستُعملت لإنشاءِ مدحِ المحمود،"والثناء عليه بصفاته الـحُسنى، وشكر الله: الثناء عليه بنعمته وإحسانه"( [3] )، قال ابن عباس: "الحمد لله هو الشّكر لله، والإقرار بنعمته وهدايته وابتدائه وغير ذلك"( [4] ). وقد يكون معنى (الحمد لله) الشّكر لله خالصاً دون سائر ما يُعبد، بما أنعمَ على ع...

وضع النحو العربي بين الرواية والتشكيك

  مقدّمات وضع النّحو احتضنت جزيرةُ العربِ اللّغةَ العربيّةَ على مدى قرون، وكان أهلُها في جاهليتِهم وصدرٍ من إسلامهم ينزعون في نطقهم بالسّجيّة ويتكلّمون على السّليقة، غير مشوبٍ لسانُهم بِلَوثةِ لحنٍ إلى أن سطع نور الإسلام. دخل العربُ، وغيرُ العرب، في دين الله أفواجًا، ثمّ تتابعَتِ الفتوحاتُ فاختلطَ العربيّ بالأعجميّ في الأمصار الإسلامية، مُتاجرين ومُتصاهرين ومُتجاورين في السّكن والأسواق والأماكن العامّة، فكان لِزامًا على غيرِ العربيّ أن يتعلّمَ العربيّةَ من أجل الفَهم والإفهام، وتأديةِ الواجباتِ الدّينيّة، ومع توالي الأيّام وكرّ الأزمان وطول المخالطة تسرّبَ الضّعفُ والوهنُ إلى لسان العربيّ وإلى سليقته، مُتأثّرًا لسانُهُ بمَنْ خالطَهُم من الأعاجم، وظهرَ اللّحنُ في كلام الموالي والـمُتعرّبين منذ وقتٍ مبكّرٍ من تاريخ الإسلام، قال أبو الطّيّب اللغوي: [واعلمْ أنّ أوّلَ ما اختلَّ من كلامِ العربِ فأحوجَ إلى التّعلُّم: الإعرابُ، لأنّ اللّحنَ ظهرَ في كلامِ الموالي المتعرّبين من عهد النبيّ (ص)]  ( [1] ) . وفي مطلع العهد المروانيّ فشَا اللّحنُ بين العامّة والخاصّة، وصارَتْ سلامةُ ...